Wednesday, December 22, 2010

تاريخ جراحة الثدي التجميلية تكبير الثدي


تاريخ جراحة الثدي التجميلية
تكبير الثدي

د.أحمد عيسى دياب
أخصائي بالجراحة التجميلية والترميمية

المحاولات الأولى:

ي

عود تاريخ جراحة تكبير الثدي إلى آواخر القرن التاسع عشر عندما أجريت أول عملية من قبل الجراح الألماني Vincenz Czerny  والذي أطلق عليه آنذاك أبو جراحة الثدي التجميلية، حيث أجرى هذه العملية  في مدينة هايدلبيرغ الألمانية عام 1895 م، فبعد أن استأصل ورم سرطاني من ثدي مريضة قام باستئصال ورم شحمي سليم (ليبوما) من ظهر المريضة نفسها ثم زرعه مكان الورم المستأصل في الثدي وذلك لتحقيق أكبر قدر من التناسق بين الثديين، ومنذ ذلك الوقت وحتى منتصف تسعينيات ذلك القرن تم تجريب حقن أو زرع عدد مختلف من مواد غير سلكونية وذلك لتكبير أو إعادة بناء الثدي ناقص التصنيع عند بعض النساء، وقد شملت هذه المواد أنسجة حية ذاتية، أو حقن مواد غيرية كالكرات الزجاجية والبارافين والمطاط الأرضي والغضاريف الحيوانية ومواد كيميائية أخرى ضمن غدة الثدي أو تحتها، ثم تم تجريب عدد من الكريمات والأدوية في محاولة لزيادة حجم الثدي، لكن للأسف لم يكتب النجاح الكامل لأي من هذه الطرق.
وفي عشرينيات القرن الماضي تم اقتراح أخذ النسيج الشحمي بشكل أساسي على شكل طعوم ذاتية تؤخذ من أرداف المريضة نفسها أو من أنسجة جدار الصدر أو البطن وتستخدم لتكبير الثدي، لكن تبين فيما بعد أن الجسم سرعان ما يعود لامتصاص الأنسجة الشحمية ليترك الثدي مشوهاً بسبب تشكل الوهدات ثم إن النتائج السيئة للغاية والكارثية أحيانا قادت الجراحين إلى  الاستغناء عن هذا الاجراء بشكل كامل في الأربعينيات من القرن المنصرم.

القوالب السيليكونية :

يعود الاستخدام الأول لحقن السيليكون إلى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة، حيث استخدم الأطباء في اليابان وفي الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد في لاس فيغاس السليكون الحر غير المغلف وحقنوه في الثدي مباشرة بغية تكبير حجمه، وقد استخدموا في بادئ الأمر أنواعاً صناعية من السيليكون تستخدم في تلميع الأثاث وتحويل السوائل، لكن الأمر كان كارثي فالاختلاطات الناجمة عن ذلك كانت كبيرة كتشكل الكيسات وتحول كتلة الثدي إلى نسيج قاسي مؤلم ومتقرح، وكانت الاختلاطات عند بعض النساء شديدة لدرجة أن الأمر تطلب استئصال الثدي الكامل في بعض الحالات، ووفقاً لصحيفة النيورك تايمز، فإن ثلاث نساء على الأقل قد لقين حتفهن بسبب هذا الاجراء حيث سبب السيليكون المحقون انسداداً في الأوعية الدموية أو في الرئتين لديهنَ، في حين احتاج البعض الآخر منهن إلى متابعة علاجية لفترات طويلة امتدت إلى 30 سنة بعد اجراء حقن السيليكون الحر.
وبسبب مشكلة امتصاص وارتشاح المواد المحقونة نشأ اعتقاد أن ملئ الثدي بمواد أخرى غير قابلة للامتصاص من قبل الجسم سوف يؤدي إلى نتائج أفضل من الحقن، وبالتالي فقد تم تجريب زرع مواد متعددة مثل المطاط الأرضي والغضاريف الحيوانية، واسفنج البولي فينيل، واسفنج البولي يوريثان، لكن النتائج لم تكن أفضل من السابق فقد تعرضت هذه المواد للانكماش والتصلب داخل الثدي، كما أن نسبة الإنتانات لم تكن أفضل أيضاً.

وفي عام 1961 اقترح جراحين من تكساس وهما Frank Gerow  و Thomas Cronin  تغليف مادة السيلكون الهلامية ضمن قالب من اللدائن  ثم زرع هذا القالب خلف غدة الثدي وذلك بعد أن جربا هما أيضاً حقن مادة السيليكون الهلامي الحر مباشرة في الثدي وبعد أن شاهدا النتائج الكارثية لهذا الإجراء، وقد استخدما هذا السيليكون المغلف في بادئ الأمر كوسائد هلامية مرنة توضع أسفل الظهر عند المرضى المصابين بالشلل من المحاربين القدامى وذلك لمنع تطور قرحات الفراش، ثم قاما بتجريب هذه القوالب بزراعتها في  الكلاب وذلك لدراسة تأثير ارتكاس العضوية تجاه هذه المادة ودراسة تفاعل المادة في الوسط العضوي، وبعد الانتهاء من هذه الدراسة قرر الاثنان القيام بأول عملية زرع قالب سليكوني عند البشر، وقد كانت المريضة المرشحة لذلك السيدة  Timmie Jean Lindsey   التي بدأت قصتها بعمر 26 عندما اتخذت وشم على شكل وردة حمراء عل كل من نهديها، وبعد ذلك بأعوام وأثناء مراجعتها لعيادة التجميل في مشفى Jefferson Davis Hospital  عرض عليها جراح التجميل Frank Gerow إزالة هذا الوشم بالليزر، وهو إجراء ينطوي على إزالة الطبقات الرقيقة العليا من الجلد، وبعد عدة سنوات وأثناء قيامها بمراجعات دورية للعيادة عرض عليها الطبيبان أن تكون أول سيدة يجرى لها تكبير ثدي عن طريق زرع قوالب سيليكونية وتم الاتفاق معها على ذلك وتمت العملية بنجاح في ربيع عام 1962 م.  ومنذ ذلك الوقت استطاع هذا التطور أن يحقق نجاح فوري ازداد على أثره عدد عمليات تكبير الثدي المجراة بهذه 


 
السيدة Timmie Jean قبل خضوعها للجراحة
الطريقة آنذاك، لكن لم تدم هذه الفترة المشرقة طويلاً فقد تم الاعتراف لاحقا أن النتائج كانت سيئة في بعض الأحيان أو حتى خادعة، فقد افتقد الثدي بعد الجراحة لقوامه المرن وفي كثير من الأحيان كان قاسياً وحتى مشوهاً، كما لوحظ حدوث انكماشات ليفية في محفظة الثدي حول القالب المزروع بالإضافة إلى مشاكل متعقلة بتمزق القالب أو حتى حدوث تسرب طفيف لمادة السيليكون وما ينجم عن ذلك من ارتكاسات التهابية في الجسم.

 وقد طرأ على هذا الجيل الأول من القوالب السيليكونية تعديلات طفيفة وبقي قيد الاستخدام حتى عام 1972 حيث تم طرح جيل ثاني معدل بقي بدوره قيد الاستخدام حتى منتصف الثمانينيات وفي هذه الفترة طرحت إحدى الشركات قوالب سيليون مغلفة بأكياس مملوءة بمحلول ملحي فيزيولوجي وهي ما يدعى بالقوالب ذات اللمعتين، وفي الفترة التي تلت عام 1985 تم طرح الجيل الثالث الذي لا يزال مستخدم حتى الآن، وفي كل مرة يطرح فيها جيل جديد كان يجرى تعديل إما على القوام السيليكوني أو على القالب نفسه من حيث مادة التصينع أو الثخانة المرغوبة، كما تم تغيير أماكن الشق الجراحي وأمكنة زرع القوالب حيث أصبحت تزرع خلف العضلة الصدرية الكبرى (كما يبدو في الشكل) بعد أن كانت تزرع خلف غدة الثدي مباشرة وأمام العضلة، ولا يزال هذا الاجراء المعدل معتمد  منذ ذلك الحين وحتى أيامنا هذه. في نهاية الثمانينات تبين أن مشكلة الانكماشات الليفية والرفض النسيجي للقوالب المزروعة قد تم تجاوزها بعد هذه التعديلات التي أجريت على القوالب، لكن وعلى الرغم من هذا النجاح فقد بقي استخدام هذه القوالب محل جدل في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد عزيت بعض أمراض المناعة الذاتية وأمراض النسيج الضام كالذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الرثياني إلى استخدام هذه القوالب، وعلى الرغم من  صدور عدد من الأبحاث العلمية التي تثبت عكس ذلك فقد تم منع استخدام هذه القوالب في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عام 1992 وبشكل مؤقت في  فرنسا، وخلال هذه الفترة سمحت الإدارة باستخدام هذه القوالب السيليكونية فقط لأغراض البحث العلمي وعن طريقها حصراً لتعود وتسمح باستخدامها بشكل نهائي عام 2006 م بعد أن منحتها شهادة مصادقة صحية في ذلك العام.
في عام 1995 تم تطوير نوع جديد من القوالب وهو قالب مملوء بزيت فول الصويا، وقد اعتقد في بداية الأمر أن هذا النوع الجديد سوف يحل محل القوالب السيليكونية والمصلية بشكل كامل بسبب بنيته الطبيعية، لكن النتائج جاءت عكس المأمول وتم سحبه من الأسواق بشكل كامل بحلول عام 1999 نظراَ لاحتوائه على مواد سمية للجسم.

القوالب المصلية الفيزولوجية:
تم تطوير هذه القوالب واستخدامها لأول مرة في فرنسا عام 1965 من قبل جراح التجميل الفرنسي (H.R. Arion)، وعلى الرغمن من أن هذه القوالب كانت قد طورت خلال الفترة القصيرة التي تلت ظهور القوالب السيليكونية إلا أنه ولأن هذه القوالب كانت تمنح الثدي قواماً صلداً مع مظهر أقل قرباً  للطبيعي مقارنة بما تقدمه القوالب السيليكونية، فقد شاع استخدام هذه الأخيرة أكثر في ستينيات القرن الماضي. ثم شاع استخدام القوالب المصلية  في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل واسع وذلك كحل بديل وخلف للقوالب السيليكونية بعد أن حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 1992 القوالب السيليكونية وحصرت استخدامها بإعادة تصينع الثدي فقط وليس لتكبيره ريثما تقدم الشركات المصنعة دراسات طويلة الأمد عن الاستخدام الآمن لهذه القوالب في مجال تكبير الثدي، وتتألف القوالب المصلية من أكياس سيليكونية رقيقة مملوءة بمحلول ملحي فيزيولوجي، وبما أن هذا المحلول هو من حيث المبدأ ماء مالح، فإن عواقب واختلاطات تمزق هذا القالب وتسرب المحلول كانت أقل إلى درجة كبيرة مما هو عليه في القوالب السيليكونية، يضاف إلى ذلك أن هذه القوالب يمكن زرعها عن طريق شقوق جراحية أصغر بكثير (2,5-3 سم) مما يحتاجه زرع القوالب السيليكونية.
لكن الاختلاطات الناجمة عن استخدام هذا النوع من القوالب كان مشابهاً لما هو في القوالب السيليكونية من حيث حدوث الإنتانات، وسوء التوضع، وتمزق القالب وانكماش المحفظة، كما تم ذكر حدوث حالات من تلوث القوالب بالفطور أو الجراثيم، أما إيجابيات هذا النوع فيتمثل في كونها أكثر قابلية للتعديل أثناء العمل الجراحي ولتغيير الحجم حتى بعد الجراحة، كما تتميز بسهولة إزالتها، وقلة نسبة حدوث انكماشات المحفظة وقلة التكلفة الإجمالية بالمقارنة مع القوالب السيليكونية.

مصادقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) :
حتى الآن صادقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على نوعين القوالب المطروحة في الأسواق الأمريكية، أما ما تبقى من أنواع بما في ذلك النوع الحديث والمسمى (gummy bear) فهي تعد قيد التجربة والبحث السريري، مع العلم أن هذا النوع يستخدم منذ أكثر من عشر سنوات خارج الولايات المتحدة الأمريكية وهو غالي الثمن. وكانت شهادات المصادقة قد صدرت بعد أن قدمت الشركات المصنعة دراسات طويلة الأمد عن الاستخدم الصحي والآمن لهذه القوالب، كما أصدرت الإدارة توصياتها الخاصة فيما يتعلق بالاستطبابات الجراحية كما يلي:

  • في شهر أيار من عام 2000 صادقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام الصحي والآمن للقوالب المملوئة بمحلول ملحي فيزيولوجي، وقد رخصت استخدام هذا النوع لغرض تكبير الثدي عند الشابات بدءً من عمر 18 أو أكثر، أو لأغراض إعادة تصنيع الثدي عند النساء بأي عمر.

  • في شهر تشرين الثاني من عام 2006 صادقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام الصحي والآمن للقوالب المملوئة بهلام سيليكوني، وقد رخصت استخدام هذا النوع لغرض تكبير الثدي عند النساء بدءً من عمر22 سنة أو أكثر أو لأغراض إعادة تصنيع الثدي عند النساء بأي عمر.


استخدام الخلايا الجذعية في تكبير الثدي:
منذ أواخر التسعينيات، كان لايزال استخدام الطعوم الشحمية الذاتية لتكبير الثدي أو إعادة تصنيعه إجراءً جدلي، وذلك بعد أن كان هذا الإجراء قد جرب في السابق وانطوت مخاوف تكراره بسبب على النتائج الضعيفة من قصر عمر الطعم والاختلاطات كالتكلسات وتشكل الكيسات النخرية إضافة إلى حدوث تبدلات تغير من طبيعة التصوير الشعاعي للثدي، الأمر الذي يجعل من الحكم على مدى سلامة نسيج الثدي أمراً صعباً، كل هذه الأمور جعلت هذا الأجراء مجرد إجراء يذكر في السرد التاريخي لجراحة تكبير الثدي.
 
لكن حديثاً ونتيجة التطورات التي حصلت في مجال قطف الأنسجة الشحمية وتقينات النقل، والتصوير الرقمي للثدي، واستخدام الخلايا المتجددة والخلايا الجذعية الناضجة المشتقة من النسيج الشحمي كل ذلك تطلب من الباحثين والجراحين إعادة النظر في هذا التخوف المزمن والانحياز ضد استخدام النسيج الشحمي في تكبير الثدي، وبالفعل فمؤخراً قام جراح تجميل ياباني من في جامعة طوكيو بإحياء فكرة تكبير الثدي باستخدام طعوم الأنسجة الشحمية من جديد، إلا أن هذا الجراح (Dr.Kotaro Yoshimura) قد صاغ هذه التقينة بطريقة عصرية حديثة وعدل عليها وذلك باستخدام الخلايا الجذعية الناضجة المستخلصة من النسيج الشحمي للمريضة ذاتها، وقد قام بعمل بإجراء عدة مئات من عمليات تكبير الثدي باستخدام هذه التقنية منذ أن بدأ بتجريبها عام 2004، وتقوم هذه الطريقة على اسختلاص النسيج الشحمي من البطن أو الفخذين أو الأرداف عند المريضة ثم وضع هذا النسيج الشحمي في جهاز استخلاص مركزي يتم من خلاله استخلاص الخلايا المتجددة والخلايا الجذعية الناضجة حيث تعزل ويتم تكثيفها ثم يضاف إليها مرة أخرى كمية من النسيج الشحمي السابق وثم يحقن المزيج ضمن الثدي.
إلا أن هذه التقنية وعلى الرغم من حداثتها إلا أنها لاتزال محط جدل واسع، فلا توجد حتى الآن دراسات طويلة الأمد عن النتائج البعيدة لهذا الإجراء، كما أن هذه الطريقة  لم تحظ حتى الآن على مصادقة إدارة الدواء والغذاء الأمريكية الافتقار إلى تلك الدراسات، كما يعبر بعض الأطباء والباحثين عن قلقهم من هذا الإجراء من أن إضافة النسيج الشحمي إلى كتلة الثدي قد يكون من شأنه أن يزيد من إمكانية تشكل سرطان ثدي.





المراجع:

1.      History of augmentation mammaplasty - Ann Chir Plast Esthet. 2005 Oct;50(5):337-49. Epub 2005 Sep 23.

2.      Augmentation mammaplasty: the story before the silicone bag prosthesis - Ann Plast Surg. 1999 Oct;43(4):446-51.

3.      Ruprecht-Karls-Uiversität Heidelberg

4.      1. The Implant Information Project. The FDA’s Regulation Of Silicone Breast Implants. The National Research Center for Women & Families.

5.      Fruhstorfer BH, Hodgson EL, Malata CM (2004). "Early experience with an anatomical soft cohesive silicone gel prosthesis in cosmetic and reconstructive breast implant surgery". Ann Plast Surg 53 (6): 536-42. PMID 15602249.

6.      U.S. Food and Drug Administration

7.      The American Society for Aesthetic Plastic Surgery (ASAPS)

No comments:

Post a Comment